الاثنين، 18 أكتوبر 2010

الترانسكس مرض..إضطرابات الهوية

الترانسكس مرضٌ من أمراض إضطرابات الهوية التي تصيب الرجال والسيدات على السواء، ولكن السائد والمقلق في نفس الوقت هو التحوّل إلى أنثى لدرجة أننا من الممكن أن نعتبر التحوّل إلى رجل كأنه غير موجود، ويلخّص هذه الحالة قول المريض “أحس بأنني في فخ .. أشعر أن جسمي خطأ..كل الناس تعاملني على أنني رجل مع أني حاسس أني إمرأة ..صحيح عندي قضيب وخصيتان وصوتي خشن وصدري فيه شَعر، إلاّ أننى لست رجلاً … طول عمري حاسس بأني مستريح مع مجتمع الستات وباحسدهن على أنهن ستات”… ويظل يقسم باغلظ الأيمان بأنه ليس رجلاً ويهدد الطبيب في جملة حاسمة “لو ماعملتليش العملية حاروح أعملها عند حد تاني.. أنا حابقى ست يعني حابقى ست”!…..
ويظلّ المريض مصمماً على إجراء عملية التحويل، وحين يرفض الجميع تحويله ينتهي به الأمر إلى أحد طريقين لا ثالث لهما، الطريق الأول هو التحول إلى العنف والبلطجة والشذوذ، أمّا الثاني فهو الإنتحار بالتخلص من رمز ذكورته الذي يخنقه.
و الهوية GENDER شيء و الجنس SEX شيء آخر. الهوية مكانها الإحساس والمخ، أما الجنس فمكانه شهادة الميلاد والبطاقة الشخصية، الهوية رجل وإمرأة ،أمّا الجنس فهو ذكر وأنثى، الهوية سلوك وتصرفات ورضا وقبول بكون الإنسان رجلاً أو إمرأة، أما الجنس فهو صفات تشريحية وأعضاء تناسلية وخلايا وأنسجة وهورمونات.
وتحديد نوع الجنس يمرّ بأربعة مراحل:
1. المرحلة الأولى: هى مرحلة الـ GENETIC SEX وهى تتحدّد عند تخصيب البويضة وهل الذي خصبها حيوان منوي يحمل جين X أم Y فإذا كان X فالمولود أنثى، وإذا كان Y فالمولود ذكر.
2. المرحلة الثانية: هي مرحلة الـ GONADAL SEX والتي تبدأ بعد الإسبوع السادس لأنه قبل هذا الإسبوع لايحدث أي تمايز للأعضاء التناسلية التي تتحدد بعد ذلك إلى مبيضين أوخصيتين.
3. ونأتي بعد ذلك إلى المرحلة الثالثة وهي المرحلة الظاهرية الـ PHENOTYPIC SEX والتي تنقسم فيها الأعضاء التناسلية، وتتمايز وتظهر الأعضاء التناسلية الداخلية والخارجية تحت تأثير الهورمونات، فمثلاً في الذكر يكون تأثير التستوستيرون هو المسبب لظهور الحويصلات المنوية والبروستاتا ….الخ
4. ثم نصل إلى محور حديثنا وبؤرة قضيتنا التي نعرض لها وهي الهوية والتي تتحدد بمرحلة الجنس المخّي أو الـ BRAIN SEX والذي تتحكم فيه عوامل هورمونية ونفسية وأيضاً تدخل فيها عوامل التنشئة والتربية والتركيبة السيكولوجية لهذا الفرد والتي تحدد له فيما بعد هل هو رجل أم إمرأة ؟.. هل نحن أمام حالة نفسية أم عضوية، وهذه نقطة طبّية غاية في الأهمية لأننا في معظم الأحيان نخلط ما بين “الترانسكس” و “الإنترسكس“، وهو مرض عضوي ينشأ عن عدم المقدرة على تحديد جنس المولود بعد ولادته وذلك لوجود عيوب خلقية في أعضائه التناسلية الخارجية فتتم تنشئته بصورة مغايرة لحقيقته العضوية، مما يؤدي إلى مشاكل صحية ونفسية وإجتماعية فيما بعد، وهذا النوع يمكن تجنبه بسهولة عن طريق إستخدام تحليل المورثات الجينية CHROMOSOMES بعد الولادة مباشرة.
وبعد التفرقة ما بين مرض “الترانسكس” و”الإنترسكس” لا بد لنا من أن نفرّق ما بينه وما بين الـ TRANSVEST والخلط الحادث بين الإثنين ناتج عن محاولة لإرتداء الملابس الأنثوية في الإثنين، ولكن هناك فرقاً كبيراً بين الإثنين، فالأول يرتديها لتأكيد الهوية أما الثاني فيرتديها لأنها الطريق الوحيد لديه للإثارة الجنسية والوصول إلى الأورجازم.
وبعد هذه التفرقة تفرض علامة إستفهام أخرى نفسها وهي هل عندما يلجأ أي رجل إلى جرّاح التجميل ويطلب تحويله إلى إمرأة، هل لا بد أن يوافق الطبيب على الفور ويدفع به إلى غرفة العمليات وكأنها عملية زائدة دودية؟! الحقيقة والواقع يؤكدان عكس ذلك، وللأسف هذا ما لا تفهمه النقابة، فالجمعية النفسية الأمريكية قد وضعت شروطاً لإجراء هذه العمليات و لتشخيص هذه الحالة وهذه الشروط هي:
أولاً: لا بدّ أن يظل هذا الإحساس بعدم الإرتياح والإقتناع بالهوية لمدة لا تقل عن سنتين.
ثانياً: لا بدّ أن تمتد الرغبة في تغيير الجنس لمدة لا تقل عن سنتين.
ثالثاً: ألاّ يكون المريض واقعاً تحت تأثير مرض نفسي كالشيزوفرينيا أو عيب وراثيّ.
عند توافر هذه الشروط وعند التأكد من هذا القلق والإضطراب الذي يصدع الهوية يجب على أسرة المريض اللجوء للعلاج النفسيّ لتأهيله نفسياً وإجتماعياً قبل إجراء أية عملية. إذن الأمر ليس لهواً جراحياً أو دجلاً طبياً، القضية علمية بحتة، والمشكلة نفسية تحتاج إلى الفهم بدلاً من التجاهل، والتعاطف بدلاً من التعامي، فهذا حقّ لهذا البنى آدم الذي يريد أن يحسم هويته ويحاول أن يوازن مابين مخه الذي يخبره بأنه أنثى وما بين جسده الذي يصدمه بأنه ذكر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق